الدكتور جمال حمدان
له مؤلفات باللغتين العربية والانجليزية
الدكتور جمال حمدان
صاحب العبقرية في علم الجغرافيا
لم ينل ما يستحق من مكانة إلا بعد وفاته
كشف الكثير من الحقائق المغيبة عن العالم
العربي
تميز بالتفكير الاستراتيجي التي منحته
رؤية لابداعاته
كتب المحرر
الثقافي
ولد جمال حمدان في
عام 1928م في القليوبية بجمهورية مصر العربية وتوفي في عام 1993م،ولم يكن مجرد شخص
درس الجغرافيا الى ان حصل على شهادة الدكتوراة فقط بل تعمق ليقدم للمكتبة العربية
ابداعات كشفت الكثير من الحقائق المغيبة.
مع أن ما كتبه جمال حمدان قد نال بعد وفاته بعضا من الاهتمام الذي
يستحقه، إلا أن المهتمين بفكر جمال حمدان صبوا جهدهم على شرح وتوضيح عبقريته
الجغرافية، متجاهلين في ذلك ألمع ما في فكر حمدان، وهو قدرته على التفكير
الاستراتيجي حيث لم تكن الجغرافيا لدية الا رؤية إستراتيجية متكاملة للمقومات
الكلية لكل تكوين جغرافي وبشرى وحضاري ورؤية للتكوينات وعوامل قوتها وضعفها، وهو
لم يتوقف عند تحليل الأحداث الآنية أو الظواهر الجزئية، وإنما سعى إلى وضعها في
سياق أعم وأشمل وذو بعد مستقبلي أيضا. ولذا فان جمال حمدان، عاني مثل أنداده من
كبار المفكرين الاستراتيجيين في العالم، من عدم قدرة المجتمع المحيط بهم على
استيعاب ما ينتجونه، إذ انه غالبا ما يكون رؤية سابقة لعصرها بسنوات، وهنا يصبح
عنصر الزمن هو الفيصل للحكم على مدى عبقرية هؤلاء الإستراتيجيون.
وإذا ما طبقنا هذا المعيار الزمني على فكر جمال حمدان، نفاجأ بان
هذا الاستراتيجي كان يمتلك قدرة ثاقبة على استشراف المستقبل متسلحا في ذلك بفهم
عميق لحقائق التاريخ ووعي متميز بوقائع الحاضر، ففي عقد الستينات، وبينما كان الاتحاد السوفيتي في أوج مجده، والزحف الشيوعي الأحمر يثبت أقدامها شمالا
وجنوبا، أدرك جمال حمدان ببصيرته الثاقبة أن تفكك الكتلة الشرقية واقع لا محالة، وكان ذلك في 1968م، فإذا الذي تنبأ به يتحقق بعد إحدى وعشرين سنة،
وبالتحديد في عام 1989، حيث وقع الزلزال الذي هز أركان أوروبا الشرقية، وانتهى الأمر بانهيار أحجار الكتلة الشرقية، وتباعد
دولها الأوروبية عن الاتحاد السوفيتي، ثم تفكك وانهيار الاتحاد السوفيتي نفسه عام 1991م
كان جمال حمدان صاحب السبق في فضح أكذوبة أن اليهود الحاليين هم أحفاد بني إسرائيل الذين خرجوا من فلسطين خلال حقب ما قبل الميلاد، واثبت في كتابه "اليهود أنثروبولوجيا" الصادر في عام 1967، بالأدلة العملية أن اليهود المعاصرين الذين يدعون أنهم ينتمون إلى فلسطين ليسوا هم أحفاد اليهود الذين خرجوا من فلسطين قبل الميلاد، وإنما ينتمي هؤلاء إلى إمبراطورية "الخزر
التترية" التي عاشت في البحر الاسود وبحر قزوين،وهذا ما أكده بعض الباحثين
الاجانب.
يعد جمال حمدان واحداً من ثلة محدودة للغاية من المثقفين المسلمين
الذين نجحوا في حل المعادلة الصعبة المتمثلة في توظيف أبحاثهم ودراساتهم من أجل
خدمة قضايا الأمة.
إذا ما قلبنا في صفحات كتاب "جمال حمدان.. صفحات من أوراقه
الخاصة"، نجد حالة نادرة من نفاذ البصيرة والقدرة الاستراتيجية على المستقبل،
ففي الوقت الذي رأى البعض في إقرار قمة بروكسيل (13، 14 ديسمبر2003) تشكيل قوة عسكرية أوروبية منفصلة عن حلف الأطلسى بداية لانهيار التحالف التاريخي
بين الولايات المتحدة وأوروبا الغربية، نجد ان جمال حمدان قد تنبأ بهذا الانفصال منذ نحو 15
عاما، مشيرا إلى انه " بعد سقوط الاتحاد السوفيتي وزواله، بدأ البحث عن عدو جديد، قيل: إنه الإسلام، نؤكد أن الإسلام خارج المعركة والحلبة، هو فقط كبش فداء مؤقت، أما العدو
الحقيقي الفعال فسيظهر من بين صفوف المعسكر المنتصر بالغرب، وسيكون الصراع الرهيب
بين أمريكا وأوربا الغربية أو اليابان ". ويضيف في موضع آخر من الكتاب " " لقد بدأت الحـرب
البـاردة بالفعل بين شـاطئ الأطلسي، بين أوروبا وأمريكا، لقد انتقلت الحرب
الباردة من الشرق - الغرب، أو الشيوعية- الرأسمالية، إلى داخل الغرب نفسه، وداخل الرأسماليين القدامى خاصة بين فرنسا وألمانيا في جبهة، بريطانيا وأمريكا في الجبهة المضادة
ومن
الرؤى المستقبلية التي طرحها جمال حمدان، وتبدو في طريقها إلى التحقق، تلك النبوءة
الخاصة بانهيار الولايات المتحدة، حيث كتب حمدان في بداية التسعينيات يقول: "أصبح
من الواضح تمامًا أن العالم كله وأمريكا يتبادلان الحقد والكراهيـة علنًا، والعالم الذي لا يخفي كرهه لها ينتظر
بفارغ الصبر لحظة الشماتة العظمى فيها حين تسقط وتتدحرج، وعندئذ ستتصرف أمريكا ضد العالم كالحيوان الكاسر الجريح
"، ومضى مضيفا" "لقد صار بين أمريكا والعالم "تار بايت" أمريكا الآن في حالة "سعار
قوة" سعار سياسي مجنون، شبه جنون القوة، وجنون العظمة، وقد تسجل مزيدًا من
الانتصارات العسكرية، في مناطق مختلفة من العالم عبر السنوات القادمة، ولكن هذا
السعار سيكون مقتلها في النهاية".
يلفت
حمدان إلى أن "الولايات
المتحدة تصارع الآن
للبقاء على القمة، ولكن الانحدار لأقدامها سارٍ وصارمٍ والانكشاف العام تم،
الانزلاق النهائي قريب جدًا في انتظار أي ضربة من المنافسين الجدد ـ أوروبا، ألمانيا،اليابان".
وتوقع "أن ما كان يقال عن ألمانيا واليابان استراتيجيًا سيقال عن أمريكا قريبًا، ولكن بالمعكوس، فألمانيا واليابان عملاق اقتصادي وقزم سياسي - كما
قيل - بينما تتحول أمريكا تدريجيًا إلى عملاق سياسي وقزم
اقتصادي" وتلك الرؤية تبدو في طريقها إلى التحقق - ولو ببطء - وتدل على
ذلك الآلاف من حالات الإفلاس والركود الذي يعاني من الاقتصاد الأمريكي، مقابل نمو
اقتصادي متسارع للاتحاد الأوروبي واليابان، ولم تكن مفاجأة أن العملة الأوروبية
الموحدة "اليورو" حققت معدلات قياسية مقابل الدولار الأمريكي في فترة وجيزة.
من
الاستشراقات المهمة التي تضمنتها أوراق جمال حمدان، تلك المتعلقة بعودة الإسلام ليقود من جديد، حيث يقول
"يبدو لي أن عودة الإسلام أصبحت حقيقة واقعة في أكثر من
مكان، عودة الإسلام حقيقة ودالة جدًا تحت ناظرينا"، ويلفت إلى انه "
في الوقت نفسه يبدو أن ديناميات الإسلام تختلف تمامًا، فقديمًا كان الإسلام يتقلص في تراجع نحو الجنوب في
جبهته الأوربية وجنوب جبـهته الإفريقية، الآن هناك عودة الإسلام في أوروبا خاصة في
طرفيها أسبانيا وآسيا الوسطى، إضافة إلى هجرة المسلمين إلى قلب أوروبا". وحتى فيما يتعلق بنظرة جمال حمدان إلى علم الجغرافيا، الذي منحه عمره كله الا قليلا، نجد انه شكل بمفرده
مدرسة راقية في التفكير الاستراتيجي المنظم، مزج فيها بطريقة غير مسبوقة ما بين
علم الجغرافيا، الذي لا يتعدى مفهومه لدى البعض نطاق الموقع
والتضاريس، وعلوم التاريخ والاقتصاد والسياسة، ليخرج لنا مكونا جديدا اسماه " جغرافيا
الحياة". وأوضح حمدان في مقدمة كتابه الموسوعي "شخصية مصر"، المقصود بتلك الجغرافيا موضحا أنها: "علم بمادتها،
وفن بمعالجتها، وفلسفة بنظراتها.. وهذا الرؤية ثلاثية الأبعاد في التعاطي مع
الظاهرة الجغرافية تنقل عالم الجغرافيا من مرحلة المعرفة إلى مرحلة التفكير، ومن جغرافية الحقائق المرصوصة إلى جغرافية الأفكار
الرفيعة.
ومن
المؤسف بعد ذلك كله، أن جمال حمدان عانى من تجاهل ونسيان لأكثر من ثلاثين عاما
قضاها منزويا في شقته الضيقة، ينقب ويحلل ويعيد تركيب الوقائع والبديهيات، وعندما
مات بشكل ماسأوي، خرج من يتحدث عن قدرة خارقة لحمدان على التفرغ للبحث والتأليف
بعيدا عن مغريات الحياة، كما لو كان هذا الانزواء قرارا اختياريا وليس عزلة فرضت
عليه لمواقفه الوطنية الصلبة، وعدم قدرة المؤسسات الفكرية والمثقفين العربعلى التعاطي مع أفكاره التي كانت سابقة لزمانها بسنوات،وبعض
من سمع بها لم يؤمن بها.
الجوائز
والتكريم:
حصل
على الكثير من الجوائز والتكريم داخل بدله مصر وخارجها فقد حصل على جائزة الدولة
التقديرية في عام 1986م وجائزة التقدم العلمي في الكويت في عام 1992م،وتم ترشيحه للعمل في هيئة الامم
المتحدة لكنه اعتذر مفضلا التفرغ للبحث العلمي.
عثر
على جثته والنصف الأسفل منها محروقاً، واعتقد الجميع أن د. حمدان مات متأثراً
بالحروق، ولكن د. يوسف الجندي مفتش الصحة بالجيزة أثبت في تقريره
أن الفقيد لم يمت مختنقاً بالغاز، كما أن الحروق ليست سبباً في وفاته، لأنها لم
تصل لدرجة أحداث الوفاة.
اكتشف
المقربون من د.حمدان اختفاء مسودات بعض الكتب التي كان بصدد الانتهاء من تأليفها،
وعلى رأسها كتابة عن اليهودية والصهيونية و يقع في ألف صفحة و كان من
المفروض أن يأخذه ناشره يوسف عبد الرحمن يوم الأحد والكتاب الثاني: العالم
الإسلامي المعاصر وله كتاب قديم عن العالم الإسلامي كتبه سنة 1965 ثم عاد وأكمله
وتوسع فيه بعد ذلك لدرجة أنه أصبح كتاباً جديداً. والكتاب الثالث: عن علم
الجغرافيا، مع العلم أن النار التي اندلعت في الشقة لم تصل لكتب وأوراق د. حمدان،
مما يعني اختفاء هذه المسودات بفعل فاعل وحتى هذه اللحظة لم يعلم أحد سبب الوفاة
ولا أين اختفت مسودات الكتب
توفي
الدكتور جمال حمدان في حادث غامض في شقته،ولم يتزوج لكنه ترك للمكتبة العربية 39
كتابا و79 بحثا ومقالة علمية أشهرها شخصية مصر- دراسة في عبقرية المكان" كما ان له مؤلفات باللغة
الانجليزية ايضا الامر الذي يعكس تميزه كمؤلف وباحث وقدرته على الاطلاع على الكثير
من الكتب والمؤلفات العالمية.
مؤلفاته
العربية التي نشرت باللغة العربية:
·
أنماط
من البيئات، القاهرة، 1958
·
دراسة
في جغرافيا المدن، القاهرة، 1958
·
بترول
العرب، القاهرة، 1964
·
الاستعمار
والتحرير في العالم العربي، القاهرة، 1964
·
أفريقيا
الجديدة، القاهرة، 1975
مؤلفاته
وبحوثه المنشورة باللغة الإنجليزية:
·
Evolution
of irrigation agriculture in Egypt, in : A history of land use arid
regions, ed. L. Dublet Stamp, Unesco, Paris, 1961
·
Pattern
of medival urbanism in arab world, Geog. Review, April 1962
·
Political
map of the new Africa, Geog. Review, October 1963
·
The
four dimensions of Egypt
0 comments:
Post a Comment